سؤال وجواب مع البروفيسور جيمس ج.كولينز، المستشار الخاص المعين حديثًا في جميل للرعاية الصحية 28 يونيو 2021 | بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية
تسعى جميل للرعاية الصحية باستمرار إلى إقامة شراكات مع المنظمات الرائدة والباحثين والمبتكرين والمفكرين في صناعات التكنولوجيا الحيوية وقطاعات الصحة العالمية.
في مايو 2021، عُين البروفيسور جيمس ج كولينز كمستشار خاص لجميل للرعاية الصحية. ولمن لا يعرف جيمس، فهو أستاذ بمؤسسة تيرمير للهندسة الطبية والعلوم في معهد الهندسة الطبية والعلوم، وأستاذ الهندسة الحيوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
تعمل مجموعته البحثية المبتكرة في البيولوجيا التركيبية وبيولوجيا الأنظمة، وتطور طرقًا جديدة ورائدة “لإعادة برمجة” الكائنات الحية، بما في ذلك البكتيريا، لأداء مهام نوعية، مثل اكتشاف العدوى وعلاجها، آملًا في أن تقود هذه الجهود إلى إنتاج عقاقير أرخص، واختبارات تشخيصية سريعة، وعلاجات أكثر فعالية للميكروبات والبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ومجموعة من الأمراض المعقدة
في اكتوبر 2018، تم تعيين جيمس كولينز وريجينا برزيلاي (في الوسط) كرئيسين مشاركين في هيئة التدريس لعيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية (عيادة جميل)، من قبل أنانثا شاندراكاسان (إلى اليمين)، عميد كلية الهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ورئيس عيادة جميل. مع البروفيسور فيليب شارب (إلى اليسار) رئيس المجلس الاستشاري للعيادة.
انضم جيمس مع زميلته في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ريجينا برزيلاي، إلى أعضاء هيئة التدريس في عيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية (عيادة جميل) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا منذ تأسيسها في عام 2018.
تحدثنا إلى البروفيسور كولينز عن أبحاثه، ودوره الجديد في جميل للرعاية الصحية، ورؤيته لمستقبل الرعاية الصحية العالمية.
س: هلا تفضلت بإعطائنا لمحة موجزة عن عملك الحالي؟
أعمل أستاذًا بمؤسسة تيرمير للهندسة الطبية والعلوم في معهد الهندسة الطبية والعلوم، وكذلك قسم الهندسة البيولوجية. وأنا أيضًا رئيس هيئة التدريس المشارك في عيادة جميل، التي تأسست بمنحة سخية من محمد جميل وعائلته لتكون بمثابة نقطة ربط للجهود في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تركز على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتذليل تحديات الرعاية الصحية.
هذا بالإضافة إلى منصبي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأنا أيضًا عضو هيئة تدريس أساسي مؤسس في معهد “ويس” (Wyss) في هارفارد، وعضو في معهد برود في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفارد. يركز مختبري بشكل أساسي على مجالين: البيولوجيا التركيبية وأبحاث المضادات الحيوية، وهما مجالان يستغلان بشكل متزايد إمكانات الذكاء الاصطناعي لتعزيز معرفتنا وقدراتنا.
س: متى كان أول تعارف بينك وبين عبد اللطيف جميل للرعاية الصحية؟
سرعان ما توثقت صلتي بمحمد جميل وعائلة جميل، جنبًا إلى جنب مع مجتمع جميل، ولقد جذبتني اهتماماتهم الواسعة بأبحاث الرعاية الصحية متعدية الأطراف. أعتقد أن علاقتي بجميل للرعاية الصحية توثقت بشكل أكبر في غضون عام من انضمامي إلى عيادة جميل، سيما بعد ما بدا لي أن رسالتها تنسجم بشكل وثيق مع مقاربتي الخاصة. كان من دواعي سروري أن يُطلب مني الانضمام إليها كمستشار. يتمثل دوري في المقام الأول في مساعدة جميل للرعاية الصحية على تقييم الفرص الواعدة للاستثمار أو الشراكات، مثل الشراكات الأخيرة التي أبرمتها مع إيفلو بايوساينسز (Evelo Biosciences) وسيلارتي (Cellarity)
س: ما هي برأيك أكبر التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية العالمي حاليًا؟
يعتقد معظم الناس أن التحديات الصحية العالمية تتعلق حصريًا بالأمراض المعدية.
في مجالي الخاص، نعمل في مجال الأمراض المعدية، لا سيما المضادات الحيوية، ونركز الآن بشكل متزايد على مضادات الفيروسات نتيجة لجائحة كوفيد-19، لكن أحد الجوانب التي لا تحظى بالاهتمام الكافي هو أن البلدان النامية مثقلة أيضًا بتحديات كبيرة تتعلق بالأمراض غير المعدية، بما فيها السرطان والأمراض التنكسية العصبية.
لذا، فإن التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق تقدم ملموس كالذي نشهده في كل من الأمراض المعدية وغير المعدية، بمعنى إتاحة هذه الأدوية بأسعار معقولة وجعلها متاحة للجميع.
تقليديًا، كان معظم الجهد حول الصحة العامة العالمية في المجال غير الربحي. تتمثل إحدى مهام شركة جميل للرعاية الصحية في معرفة كيف يمكن التعامل مع الرعاية الصحية من منظور ربحي، والاستفادة من قدرة قوى السوق وتشجيع السوق على إحداث تغيير ذي مغزى.
على المستوى الشخصي، فإن العديد من اهتماماتي تتعلق بالأمراض المعدية، لكننا نتطلع بشكل متزايد لمعرفة كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة والبيولوجيا التركيبية أن تعالج أمراضًا أخرى أكثر تعقيدًا، وكيف يمكن الاستفادة منها بشكل فعال لمواجهة التحديات الصحية الأوسع في جميع أنحاء العالم.
أظهرت تجارب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن دواء هاليسين (بالأعلى) يمنع مقاومة المضادات الحيوية في الإشريكية القولونية، وهو ما فشل به دواء سيبروفلوكساسين (بالأسفل).
إذا أخذنا المضادات الحيوية أولاً، كجزء من عمل عيادة جميل، فهناك تعاون بيني وبين ريجينا برزيلاي وتومي جاكولا لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لمعالجة أزمة مقاومة المضادات الحيوية. تمكنا من المضي قدمًا في جهد تجريبي حيث قمنا بتدريب نموذج ذكاء اصطناعي لمساعدتنا على تحديد مضاد حيوي جديد قوي يسمى هاليسين (Halicin) والذي كان فعالًا للغاية ضد مجموعة واسعة من مسببات الأمراض، بما في ذلك مسببات الأمراض المقاومة للأدوية المتعددة.
تمكنا لاحقًا من تطبيق النموذج على مكتبة ضخمة تضم 1.5 مليار جزيء في غضون أيام قليلة، وتحديد عدد كبير من المضادات الحيوية الجديدة المرشحة.
لقد أطلقنا الآن مشروع انتاج المضادات الحيوية بالذكاء الاصطناعي (Antibiotics-AI) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من خلال عيادة جميل، بهدف تسخير الذكاء الاصطناعي لتصميم واكتشاف فئة جديدة من المضادات الحيوية، كما فعلنا مع هالسين.
فيما يتعلق بالبيولوجيا التركيبية، فقد أثبتنا سابقًا أنه يمكننا استخدام دوائر الجينات الاصطناعية المهندسة جنبًا إلى جنب مع المستخلصات الخالية من الخلايا. في حالة الأنظمة الخالية من الخلايا، يمكنك فتح خلية حية واستخراج “العناصر الحيوية من تلك الخلية. وقد تمثل التقدم المحرز في إثبات إمكانية تجميد هذه المستخلصات الخالية من الخلايا جنبًا إلى جنب مع دوائر جينات البيولوجيا التركيبية على الورق من أجل إنشاء تشخيصات ورقية رخيصة الثمن.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة، في خضم جائحة كوفيد-19 وتحت رعاية عيادة جميل، جزئيًا، أننا أثبتنا أنه يمكننا استخدام البيولوجيا التركيبية لإنشاء قناع لتشخيص كوفيد-19، والذي يمكن أن يعطي نتيجة في بضع دقائق نسبيًا ذات حساسية عالية وخصوصية عالية لـ سارس-كوف-2 . باختصار، سنصمم قناع وجه يمكن أن يخبرك إذا كنت مصابًا بـ كوفيد-19.
س: ما مدى قرب هذه التطورات من التسويق؟
بعد اكتشاف هاليسين (Halicin)، أعتقد أننا الآن نتقدم أكثر نحو تجربة سريرية محتملة لاستكشاف مدى سميته، وتطوير أدوية لمعالجة السمية، واستكشاف جوانب إضافية لخصائصه الشبيهة بالعقاقير.
فيما يتعلق بالتشخيص الورقي، لدينا فرع من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو شيرلوك بايوساينسز (Sherlock Biosciences)، الذي طور اختبارًا لتشخيص كوفيد-19 وتم اعتماده من إدارة الأغذية والعقاقير، وقد تم تطويره استنادًا إلى منصة البيولوجيا التركيبية الخاصة بنا. كما تم اعتماد هذا الاختبار من قبل العديد من شركات التشخيص العالمية، واعتمده كذلك دولة نيبال كاختبار رسمي على أراضيها. والآن يعمل شيرلوك بايوساينسز وشركاؤه على استخدام تقنيتنا لإجراء 10 ملايين من الاختبارات التشخيصية لـ كوفيد-19 كل شهر في البلدان حول العالم.
صحيح أن قناع الوجه التشخيصي لا يزال في طور الدراسة الأكاديمية، ولم يتم تسويقه بعد، لكنه يمثل فرصة مثيرة للاهتمام لاستكشاف كيف يمكننا الخروج بهذا المنتج الواعد من مختبرات MIT ومعهد Wyss وطرحه في الصيدليات المحلية.
س: ما مدى أهمية التأكد من أن مثل هذه الابتكارات تنتشر في العالم كله ولا تصبح حكرًا على الدول الغنية؟
كجزء أساسي من مهمتي كأستاذ ورجل أعمال، أعمل على ضمان إتاحة تقنياتنا للجميع. غالبًا ما نرى الشركات متحمسة لتحقيق الربح وليس التأثير، لا سيما في الولايات المتحدة. بالنسبة لي، التأثير أهم بكثير من الربح. أفضل أن أرى منتجًا يفيد ملايين الأفراد بدلاً من جني ملايين الدولارات من المنتج.
س: هل شجعت جائحة كوفيد-19 الناس على التفكير أكثر في هذا الجانب؟
نعم، ولكن ليس بالقدر الذي يجب أن تفعله. الجشع للأسف قوة جبارة في هذا العالم.
لهذا السبب، من خلال شيرلوك بايوساينسز، أنشأنا مؤسسة تسمى The 221b Foundation، والتي سميت تيمنًا باسم الرواية الخيالية لشارلوك هولمز في لندن.
لقد التزمنا بالتبرع بجميع الأرباح من منتج كوفيد-19 الخاص بنا للمؤسسة، بالإضافة إلى إتاحة حقوق الملكية الخاصة بنا حول تشخيصات “كريسبر” (CRISPR) لأي منظمة ترغب في تطوير اختبارات تشخيصية لـ كوفيد-19، وذلك بناء على اتفاق بأن تعود الأرباح إلى المؤسسة.
يتم تخصيص هذه الأرباح بعد ذلك لتعزيز الجهود في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والموجهة بالأساس إلى الأقليات المهمشة، وذلك في محاولة لتشجيع المزيد من الشباب على دراسة مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لتطوير التقنيات ومعالجة التحديات الصحية العالمية.
س: كيف تساعد عيادة جميل في معالجة بعض هذه المشكلات؟
حسن جميل (إلى اليسار)، ل.رفائيل ريف، رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (وسط الصورة) وفادي جميل (إلى اليمين) في حفل تأسيس عيادة جميل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، 2018.
أُنشئت عيادة جميل منذ ما يقرب من ثلاث سنوات [2018]، وهي تزدهر منذ ذلك الحين بفضل طرح برامج مثيرة باستمرار.
وفي خضم الجائحة، أطلقت العيادة برنامجًا يسمى “العلاج بالذكاء الاصطناعي” (AI Cures)، والذي يهدف إلى تعزيز الذكاء الاصطناعي لمعالجة مسببات الأمراض الناشئة، بما في ذلك سارس-كوف-2. وفي سياق هذه المبادرة، تمكنا من تجميع عدد من مجموعات البيانات المثيرة للاهتمام وتمت إتاحتها للباحثين من جميع أنحاء العالم.
من خلال العمل مع ريجينا برزيلاي وتومي جاكولا وعدد من طلاب الدراسات العليا، تمكنا أيضًا من استخدام الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، لتطوير تركيبات فعالة لعلاج سارس-كوف-2، وهو العامل الممرض المسبب كوفيد-19
س: ما الذي يميز الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتعلم الآلي كعوامل يمكنها تغيير قواعد اللعبة في ابتكارات الرعاية الصحية؟
يتمثل الجانب الرئيسي للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في أن هذه الموارد تمكننا من الإحاطة بتعقيدات علم الأحياء والكيمياء على نطاق يتجاوز أي شيء يمكن لأدمغتنا وحدها تحقيقه.
حتى أبسط الخلايا الحية، البكتيريا مثلا، نجد أنها أكثر تعقيدًا بكثير من أكثر الآلات تعقيدًا التي صممناها على وجه الأرض. من المستحيل فعليًا أن نفهم بشكل شامل كيف تطور مثل هذا النظام الحي على مدار مليارات السنين.
وبالمثل، من الصعب للغاية فهم كيف يمكن للدواء الذي نطوره أن يؤثر على البيولوجيا المعقدة لخلية حية أو مجموعة من الخلايا. تمكننا البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي من القيام بذلك.
يمكننا استخدام هذه التقنيات للغوص في بيولوجيا الخلية الحية بعمق لم يتح لنا سابقًا. إنها تمكننا من فهم التفاعل بين الجزيئات لتوليد رؤى أفضل حول كيفية تفاعل كل هذه المكونات المدهشة في الخلية الحية لتكوين حالة صحية، وكيف يمكن أن تتعطل تفاعلاتها لخلق حالة مرضية. وهذا بدوره يتيح لنا تحديد كيف يمكننا التدخل لتصحيح أو تحسين حالة المرض أو المصابة.
س: هل إمكانات هذه التقنيات مفهومة بالكامل؟
لا على الإطلاق، ما زلنا في أيامنا الأولى في تطبيق الذكاء الاصطناعي على تحديات الرعاية الصحية. لقد رأينا أن للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة تأثير كبير في عالم المعلومات والإنترنت، ولكن في مجالات البيولوجيا والطب، لا يزال عصر البيانات الضخمة في مهده. أعتقد أننا سنشهد تقدمًا متزايدًا في العقد أو العقدين المقبلين حيث يتم جمع المزيد والمزيد من البيانات وإتاحتها.
تتمثل إحدى مهامنا في عيادة جميل في تدريب الجيل القادم من الباحثين في مجال الرعاية الصحية ليكونوا متعددي التخصصات، بحيث يكون لديهم خبرة في كل من الذكاء الاصطناعي / التعلم الآلي وفي علم الأحياء والكيمياء، مما يسمح لهم بالعمل في واجهة التكنولوجيا والعلوم والطب لتحقيق إنجازات مهمة للمرضى.
س: بالنظر إلى المستقبل، كيف يبدو المستقبل على المتوسط و الطويل في مجال الرعاية الصحية العالمية في رأيك؟
أعتقد أن إحدى المزايا القليلة للوباء هي زيادة الوعي بين الشباب بأهمية الأمراض المعدية كقضية خطيرة تستحق اهتمامهم. لذلك، أعتقد أننا سنشهد دخول المزيد من المواهب الشابة إلى مجال الأمراض المعدية والصحة العالمية، مما سيعزز بالتأكيد معرفتنا وقدراتنا على اكتشاف العدوى وعلاجها والوقاية منها.
بالنظر إلى المستقبل، سنرى بالتأكيد تغييرات هائلة وتطورات مثيرة في الطب الحيوي. وسنشهد تأثيرًا متزايدًا للبيانات الضخمة، والتقنيات المتقدمة بما فيها الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا التركيبية، وسيعزز ذلك الجهود التي تمكننا من تشخيص الأمراض بشكل أفضل وعلاجها والوقاية منها في جميع أنحاء العالم، بطريقة تسهم في تقليل التكلفة بحيث تصبح هذه التقنيات في متناول الجميع.
مقالات ذات صلة
للاتصالات الإعلامية، والاستفسارات الصحفية، يرجى التواصل معنا على media@alj.ae، أو الاتصال بنا على رقم 0906 448 4 971+ (توقيت الإمارات العربية المتحدة يسبق توقيت غرينتش بمقدار 4 ساعات)